الأربعاء، 21 أغسطس 2013

الأحلام لا تموت.

كنت مستمعًابإعجاب واهتمام لمذيع إحدى محطات الـFM ,وهو يعلن موضوع النقاش بعنوإن (ما هي وظيفة أحلامك؟).. بمجرد إن بدأ البرنامج حتّى بادرت فتاة بالاتصال لتشارك فيه بالتعبير عن المهنة الّتي تحلم بها، وهي إن تكوّن مصممة أزياء.. وما إن نطقت بحلمها حتّى قاطعها المذيع ضاحكًا وساخرًا منها بإنه يجب عليها إن تستيقظ، وبإن هذه المهنة في الأحلام فقط ,ولا تمتّ للواقع بصلة، وإن هناك واقعًا آخر هو فواتير الماء والكهرباء والمعيشة.. يجب إن تسدد. ردت عليه الفتاة بإن "هذه المهنة هي حلمي، وأتمنى إن تتحقق ,وإن أعمل بها"، ولكنّه ضحك مرة أخرى  وخاطبها بلغة الإحباط طالبًا منها إن تستمع لنصيحته ,وتستيقظ للواقع وترمي خلفها حلمها المستحيل ,وتحلم بشيء أكثر واقعية.غادر صوت الفتاة موجة الإذاعة، ولا نستطيع أن نحكم بأنّها أصبحت أكثر تمسكًابحلمها أم أنّها ولّت تحمل رأيّة الخسارة أمام لغة الإحباط الّتي مارسها عليها مذيع المحطة.. لغة الإحباط المترسخة بثقافة المذيع، المتشربة بروحه حتّى فاضت لمستمعيه  هي صورةٌ مصغرةٌ لمجتمعنّا العربيّ بأكمله. ما إن يبرز بيننا حلم، وحتّى لو كان صغيرًا حتّى نقمعه، وما إن يتحدأنا حتّى نحاربه مؤكدين مقولة العالم المصري أحمد زويل "الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء.. هم يدعمون الفاشل حتّى ينجح ,ونحن نحارب الناجح حتّى يفشل".. شابٌ آخر توقف عن الدراسة بعد إن إنهى عامه الأول من الثانوية  ,وتوجّه مجبرًاتحت وطأة ظروفه المادية ,و وفاة والده لسوق العمل متحملاً مسؤولية عائلته الّتي أصبح عائلها الوحيد..  عمل كميكانيكيًّا لصيإنة السيارات.. كلّما انحنى على محركات السيارات ليفحصها تمنى لو إنه ينحني للكشف على أحد مرضاه، وكلّما ارتدى البدلة الخاصة بعمله في المكانيك تاقت روحة لأن يرتدي سترة الطبيب الّتي طالما حلم بارتدائها، كلّما غادر منزله للمهنة الّتي أجبرته الظروف للعمل بها زاد إصرارًاعلى إن يصبح طبيبًأيّرسم الابتسامة على وجوه مرضاه بدلاً من تلك السيارات الخالية من المشاعر.. عندما تحسنت ظروفه المادية أصبح حينها بعمر الـ32 عامًا، وأصبح من الصعب عليه إن يكمل ما حلم به ,وهو صغير، ولكنه حاول بمنح نفسه فرصةً ثمينة ًبإن يكمل تعليمه، وما إن قرر إكمال تعليمه الثإنوي ,وإكمال الطب حتّى أنهال عليه من حوله سخرية وتهكمًا، طالبين منه أن يترك عنه الوهم ,وأن ينتبه لعمله لكيلا يصطدم بالواقع.. غادرهم محبطًا إلى الدكتور إبراهيم الفقي- رحمه الله- فشجعه ،وقال له :"لو استمعت إليهم فلن تحقق شيئًا. استمع فقط لحلمك ,واعمل من أجله وسيتحقق"، وبعد عامين عاد الميكانيكيّ للدكتور إبراهيم الفقي وهو طالب بكلية الطب.. أرواحنا إسفنجة ,وبالمادة الّتي تتشبع بها تفيض، فلنغرقها أيّجابية ,وتشجيعًا حتّى نفيض بلغة الأمل ,ونجفف منابع الإحباط. إن نفشِ بيننا اليأس ؛فذلك مدعاة لموتنا ,ونحن أحياء، وإن أفشينا التفاؤل والأمل أحيينا القلوب اليائسة ,وهي رميمٌ، وبنينا من أحلامنا واقعًا لا يموت بل يعيش للأبد.

هناك تعليقان (2):

  1. الله يا فهد
    كلامك نابع من القلب

    ان شاء الله ربنا يكرمنا يا رب باذن الله

    ردحذف
  2. الله يا فهد
    كلامك نابع من القلب

    ان شاء الله ربنا يكرمنا يا رب باذن الله

    ردحذف