الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

هل نحن بحاجة إلى"حضن مجاني"؟؟

شعر  الشاب الأسترالي  "خوان مان" بالكثير من الإكتئاب نتيجة لعقبات أسرية وشخصية أدت إلى انعزاله وتفضيله الوحدة,معاناته طالت لعدة شهور حتى خرج بأحد الليالي لحضور فعاليات أحد الأحزاب التي ينتمي إليها,وقام أحد الحاضرين الذين لا يعرفهم بعناقه واحتضانه كنوع من الترحيب به داخل الحزب, يقول -خوان مان- :  "شعرت حينها بأن هذا الشخص ملك,كان عناقه لي أعظم ما حدث من أي وقت مضى".

الشعورالجيد نتيجة الحضن والعناق الذي تلقاه "خوان"  في 1 ديسمبر 2004م جعلاه يبادر بحمل لافتة كتب عليها  'Free Hug" أي "حضن مجاني" بدأها في مسقط رأسه ,إلا أنه وبعد انتظاره لمدة 15 دقيقة لم  يحصل  إلا على  حضن يتيم تلقاه من سيدة عجوز,وذلك لإحجام العديد عن معانقته لعدم معرفتهم به بعد أن رحل أصدقاؤه وعائلته منذ سنوات عديدة من المنطقة التي كانوا يعيشون بها,أستفزه ذلك الجفاء  الذي لاقاه من أهالي منطقته مما  جعله ينظم حملة للحضن المجاني أطلقها في "سيدني",وتفاعل معه عدد كبير من الشباب والفتيات, حتى قامت الشرطة الإسترالية في أكتوبر من العام 2005  بمحاربة هذه الظاهرة لمخالفتها  قوانين أستراليا التي تشترط قبل القيام بهذه الحملات بالحصول على تصريح, والذي كان ما يمنع "خوان" من الحصول عليه هو اشتراطهم أيضاً التأمين ضد المسؤولية العامة بقيمة 25 مليون دولار , لم يستسلم "خوان" لهذا الشرط  وشرع في حملة لتوقيع عريضة تقدم للسلطات الأسترالية لإعفائها من التأمين حتى أستطاع وخلال فترة وجيزة من تقديم عريضة تحمل على صدرها  10,000 توقيع,مما جعل السلطات الأسترالية تسمح له بالحصول على تصريح دون دفع مبلغ التأمين,ساعدته الشرعية التي اكتسبتها حملته على إضفاء الكثير من الوهج الإعلامي, والذي كان له الأثر الأكبر في ذلك هو صديقه "مور" المغني الرئيسي في فرقة -Sick Puppies- والذي دعمه بعرض لقطات  له وهو يقوم بحملات "حضن مجاني" بأحد فيديو كليبات فرقتهم الموسيقية,والذي حقق انتشارًا واسعًا حتى وصلت عدد مشاهداته مؤخرًا إلى 74 مليون مشاهدة, لفت هذا الإنتشار أنتباه "اوبرا وينفري" فاستضافته في 30 أكتوبر من العام 2006م  بأحد حلقات برنامجها الشهير "أوبرا" لمناقشته  حول هذه الحملة ,وكان من ضمن فقرات الحلقة  دعوة عامة لأن يخرجا معاً لتقديم "حضن مجاني" في الشارع تحت رعاية من البرنامج, والذي جعل عدد كبير يحتشد لتقديم حضن مجاني لـ"خوان مان" ولعدم كفاية الوقت لم يستطع أن يحضنه الجميع فقدم  دعوة عبر صفحته في الفيس بوك لمن لم يسعفه الوقت أثناء الوقت المخصص من البرنامج بأن يأتي  لمنزله للقيام بذلك,وأحتشد عليه الحضور عند منزله حتى هدده مالك العقار بالطرد,ولم يتوقف بل أستمر في الحملة حتى أصدر كتاباً إلكترونياً يتحدث فيها عن تجربته,وختم مشواره في العام 2009 بإعلانه التقاعد من رئاسة حملة "Free Hug" ودعوته لإجراء إنتخابات لتعيين رئيس جديد للحملة.

لو بحثنا في هذه القصة وحللناها من الجانب النفسي والإجتماعي,لوجدنا أن المشكلة الرئيسية التي أدت لظهور هذه الحملة هو غياب دور الأسرة في إشباع احتياجات أطفالهم النفسية, تاركين لهم مساحة كبيرة من الفراغ العاطفي,وحتى أذا ما كبروا بحثوا عن سدها بطرق شتى قد تتنافى مع السلوك القويم للإنسان السوي,و يخالف تعاليم الأديان السماوية,ووصول هذه الظاهرة مؤخراً إلى  السعودية هو مؤشر لتفاقم مسألة الحرمان العاطفي في أوساط شبابنا وفتياتنا وأطفالنا وخاصة في ظل حياتنا ورتيننا اليومي المليء بالأعمال, وأنشغالنا عنهم بوسائل التقنية الحديثة حتى أصبحت علاقتنا بهم  مجرد محادثات إلكترونية, ومالم نتدارك تقصيرنا نحوهم,  ونقوم بتفعيل مسؤوليتنا تجاههم,ومنحهم مليون "حضن مجاني" سنجدهم غداً يبحثون
تجاههم,ومنحهم مليون "حضن مجاني" سنجدهم غداً يبحثون عنها في أحضان الغرباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق